الحوار قد لا يكون مفيدا ولا أزمة سياسية في موريتانيا*

الأزمة في موريتانيا اقتصادية ؛ ومرد ذلك للفساد المستشري في هذا البلد الغني بالموارد من كل نوع.

فساد منع قيام دولة المؤسسات وفرض آليته التقليدية من قبلية وجهوية ومحسوبية وزبونية ؛ وطور الفساد آلياته لتكون عائلية أولا .

فقد أصبحت لدينا عوائل موريتانية تتوارث المناصب وتتقاسمها وتهيمن على الاقتصاد كله وعلى سوق الأشغال العامة ؛ وعلى آليات التعيين والترقية .
وهي من كل أقسام المجتمع الموريتاني.

ولم تبرز أحزاب وطنية تعي خطورة الوضع لتتصدى له بوسائل قانونية وسياسية مناسبة.

فالحزب الحاكم هو القدوة في ذلك ؛ وهو المسؤول عن تدوير واستدامة آليات الفساد تلك.
والأحزاب الموالية حوله تسعى لنيل حصتها دون أن تسهم في إيقاد شمعة في دهليز الفساد ؛ ولا يقبل الحزب الحاكم ذلك ؛ ففي فكره الحزبي الشوفيني فإن الدولة والرئيس له وحده دون مشارك.

أما أحزاب المعارضة فتجتهد في اختلاق أزمة سياسية نكاية بالرئيس والنظام لعلها تجني من ذلك ثمنا داخليا من النظام مقابل تخفيف وتيرة صراخها أو ثمنا خارجيا من رعاة أجانب يهمهم أن يصنعوا أوراق لعب في موريتانيا خدمة لمصالحهم.

الأزمة اقتصادية لأن الفساد وقف في طريق برنامج الرئيس ولد الغزواني الوطني الإصلاحي ومنع التدفقات المالية والتنموية من الوصول كما يجب إلى حيث أراد الرئيس أن تصل وحيث يجب أن تصل .

فالطبقة الهشة والفقيرة في موريتانيا بين طاحونتين فاسدتين للحزب الحاكم والمقاولين وكلهم من الحزب الحاكم .
فساد طغى وتجبر فأصبح لا يقدم للأجيال الشابة التي يستغلها في مواسم الحملات جبالا من الوعود الكاذبة.
فلا الشباب شغل ولاحملة الشهادات ولا المرأة دعمت ولا الجمعيات النسائية رقيت ولا المجتمعات الريفية لبيت الوعود لها بالماء والكهرباء وبرامج التنمية الريفية والخدمات الصحية والتعليمية.
تعين حكومة وتأتي أخرى لتلغي كل المساطر التنموية للحكومة السابقة وتبدأ مساطر جديدة بشروط جديدة ؛ وكأن الوطن مجرد فأر تجارب يجرب فيه كل وزير جديد قديم أفكارا سبقت تجربتها وأثبتت فشلها !
لجان بعد لجان بعد أخرى ولجان تشاورية في كل قطاع تفاقم الوضع بدل أن تحله ولو جزئيا !
وترفع التقارير للرئيس أن كل شيء أنجز على أكمل وجه.
لكن المواطن المستهدف بتلك البرامج يصرخ ملء الكون أن شيئا لم يصله ولا أحد يصدقه.
كم حوارا سبق تنظيمه في هذا الوطن الجريح ؟
كم لجانا شكلت كما أياما تشاورية ؟
كم بعثات كلفت بحصر طلبات المواطنين؟
كم وكم وكم ؟
متى تدرك حكوماتنا أن حبل الثقة منقطع بينها وبين الشعب الموريتاني ؟

فساد يجب ردعه وتدارك الوضع الاقتصادي العام لشعبنا قبل فوات الأوان.
فساد الحزب الحاكم خطير جدا لأنه يمنع تجديد طبقات الحزب ويقسم الغلة بين جزر فيه أصبح بعضها يحارب بعضا.

الرئيس ولد الغزواني عمل أقصى ما يستطيع في معالجة الوضع الاقتصادي ؛ فضاعف الميزانية وخصص 7% منها لبرامج دعم وترقية الطبقات الهشة وضاعف مكافآت التعاقد ورفع الأجور بنسب عالية ؛ وخفض الدين السيادي إلى درجة الأمان ؛ وأطلق سلاسل من المشاريع التنموية الهامة جدا في عموم الوطن .

وضغط وناور ليستكمل حقل GTA الغازي وتم ذلك.
ودفع الشراكة مع أوروبا لمستويات لم تبلغها تاريخيا في مجالات الطاقة وغيرها.

لكنه حقيقة يعمل وحيدا في بحر خضم من الانتهازيين وأقطاب الفساد في القطاعين العام والخاص.

ويبحث في الوقت شبه الضائع عن شراكة مع طبقة سياسية أغلبها بلا رؤية وطنية شاملة وأغلبها مولود من رحم ثقافة الابتزاز وتلفيق الملفات لموريتانيا.

فعن أي حوار تتكلمون.

الرئيس ولد الغزواني ليس في موقف ضعف حتى يبحث عن توافق سياسي يمكنه من ممارسة صلاحيته كرئيس منتخب ؛ ولاضرورة مستعجلة سياسيا لإطلاق حوار بلا ضوابط ولارؤية أعمق.
المستعجل هو مواجهة الفساد في عقر الموالاة في الحزب الحاكم أولا وفي بنية الفساد التي تدفع الشعب الموريتاني لليأس وتدفع البلد إلى المجهول وهو يعلن عن تصدير الغاز وعن حزم تنموية كبرى لا يتوقع الشعب أن يصله رذاذها لأن جدار الفساد بين الشعب والبرامج التنموية قد رفعه الحزب الحاكم إلى ارتفاع شاهق بين الشعب وبرامج الرئيس الإصلاحية.

ولابد أن تدرك لوبيات الفساد والعوائل التي أصبحت هي الأغنى في موريتانيا أن هذا البلد يملكه معهم 5ملايين مواطن موريتاني بحاجة ماسة لحقوقهم وفرصهم في الحياة الكريمة ولم يعد ممكنا ولا مقبولا حرمان شعب كامل من خيرات وطنه ومنع نهضة الوطن فهي حتمية

أوفقوا قطار الفساد قبل أن يلقي بكم في محطته الأخيرة المعتادة محطة الذل والهوان والخسران المبين.
لاتميزوا بين مواطن وآخر على أساس اللون أو العرق ولا تقبلوا فرض ثقافة غير ثقافة المواطنة في حواركم المزعوم ؛ فإن فعلتم عكس ذلك فقد مهدتم لتفكيك وطن ظل أكبر من كل مشاريع التفكيك والتفتيت
ولاحول ولاقوة إلا بالله العزيز الحكيم
*مجموعة نخبة موريتانيا*
بقلم الرئيس عبد الله ولد بونا
22 فبراير 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً