رئيس الجمهورية: خطاب بحجم الدولة ورؤية بحجم القارة
في زمن تذوب فيه الجغرافيا خلف الصراعات، وتضيع فيه الثروات في غياهب الفوضى، ينبثق خطاب رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية كضوء فجرٍ يشق ليلًا ثقيلاً، حاملاً بين كلماته رؤية رصينة ومعالم وعي نادر في الطرح، وقامة سياسية تتحدث من موقع إدراك المسؤولية لا من منصة الاستعراض.
#أولًا: منطق السلام أساسًا لكل تقدم
حين يعلن الرئيس أن لا تقدم بدون سلام، فإنه لا يردد شعارًا مألوفًا، بل يضع اليد على الجرح النازف في الجسد الإفريقي. فقارة باذخة الثروات، ممزقة بالحروب، لا تنتج تنمية بل تستهلك الأمل. إن إشادته بجهود حل النزاع بين الكونغو ورواندا، ليس مجاملة دبلوماسية، بل إعلان عن قناعة راسخة بأن الاستقرار السياسي هو البوابة الوحيدة لأي ازدهار مستقبلي.
#ثانيًا: التواضع الواعي والقوة الكامنة
قال الرئيس: “نحن بلد صغير بعدد السكان، ولسنا كأمريكا في التأثير العالمي”. في هذا القول تواضع الحكماء، لكنه ما لبث أن كشف الوجه الآخر: موريتانيا بلد كبير… بموقعه، بثرواته، بآفاقه. فالبلد الذي يطل على المحيط الأطلسي قبالة أمريكا، لا ينبغي أن يُقاس بعدد سكانه، بل بقيمته الجيوسياسية.
وهنا يظهر الحسّ القيادي؛ إذ لا يتحدث عن الحاضر فحسب، بل يرسم خريطة للغد، قائلاً: لدينا الذهب، واليورانيوم، ومؤشرات على الليثيوم، ذلك المعدن الذي تمسك به الأمم مفاتيح المستقبل الأخضر.
#ثالثًا: امتلاك ناصية الخطاب العالمي
لم يكن الخطاب إنشائيا ولا محليا ضيقا، بل أطل من نافذة أممية على مشهد متعدد الأبعاد. موريتانيا ليست الهامش، بل نقطة التقاء بين القارات، وثغرة في الجغرافيا يمكن تحويلها إلى جسر بين إفريقيا والعالم. وقد أجاد الرئيس توظيف لغة بسيطة وعميقة، فكان الخطاب واضحا في طرحه، مؤثرًا في بنيته، ومسؤولا في روحه.
إنه خطاب يتأمل. خطاب رجل دولة بمداد الوعي، وألقاه بعين تنظر أبعد من الأفق. لقد قدّم الرئيس تصورا للدولة الحديثة، الواقفة على أساس السلام، المسنودة بالثروة، المنفتحة على الجوار، والمؤمنة أن الكبر ليس بالحجم، بل بالمضمون.
موريتانيا كما رسمها هذا الخطاب ليست بلدا هامشيا في الركن الإفريقي، بل فاعل هادئ يُدرك قدره، ويتقدّم نحو غده بخطى العقل والاتزان.
#خطاب_الاشراك #صرخة_في_بحر_الحرمان #تبصير_أخلاقي
الناشط السياسي ازيد بيه احديد