أين الجناح الإعلامي لرئيس الجمهورية؟
في الوقت الذي تعيش فيه موريتانيا حراكًا تنمويًا متسارعًا على أكثر من صعيد، تتعالى أصوات المتابعين بشأن غياب واضح للجناح الإعلامي لرئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وهو الغياب الذي يبدو أكثر إرباكًا حين يُقارن بحجم الإنجازات التي تحققت فعليًا على الأرض، والتي كان يُفترض أن تتصدر المشهد الإعلامي الوطني.
فمنذ تسلمه السلطة، أطلق الرئيس إصلاحات جوهرية، وكرّس مقاربة هادئة لكنها عميقة في تسيير الشأن العام، مع التركيز على أولويات استراتيجية كالأمن، والعدالة الاجتماعية، والبنية التحتية، والتحول الرقمي، ومحاربة الفقر، والارتقاء بالخدمات الأساسية. غير أن هذه السياسات، على أهميتها، لم تلقَ حظها من الترويج الإعلامي المنهجي، ولم تُسند بمنظومة خطابية تشرحها للمواطن وتربطها مباشرة باسم الرئيس ورؤيته.
اللافت أن الإعلام الحكومي، بمختلف مؤسساته ومستشاريه، يبدو مشغولًا بتلميع وجوه الوزراء، وعلى رأسهم الوزير الأول المختار ولد اجاي، في حين يُغيب الرئيس نفسه عن واجهة الخطاب العام، وكأنه فاعل ثانوي في مشهد يُفترض أنه يقوده.
هذا الخلل البنيوي في الأداء الإعلامي يطرح تساؤلات مقلقة: هل هناك استراتيجية إعلامية تُدير صورة الرئيس أمام الرأي العام؟ وإن وُجدت، لماذا لا تظهر آثارها في المشهد؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الفراغ؟ هل هي المؤسسات الحكومية؟ أم الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس؟
غياب الجناح الإعلامي الفاعل للرئيس لا يترك فقط مساحة فارغة في الخطاب الرسمي، بل يُفسح المجال أيضًا أمام خصومه السياسيين لصياغة روايات بديلة، تنكر الإنجاز، وتزرع الشك، وتُضلل الرأي العام. وهذا فراغ يُعدّ في عُرف السياسة خطأ استراتيجيًا قد تكون كلفته عالية في الاستحقاقات المقبلة.
الواقع يُشير إلى أن رئيس الجمهورية لا يحتاج إلى الترويج الشخصي بقدر ما يحتاج إلى خطاب صادق، علمي، ومتجدد، يُظهر أثر سياساته ويقنع المواطن بأنه فعلاً محور العملية التنموية. لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق دون إعلام ذكي، شجاع، منظم، ومخلص، يعيد الاعتبار للسلطة الأولى، ويمنح المشروع الرئاسي لغته، وصورته، وامتداده الشعبي.
إن الجواب على سؤال “أين الجناح الإعلامي للرئيس؟” لا يجب أن يكون مجرد توصيف للقصور، بل دعوة عاجلة لإعادة الهيكلة، وتغيير العقليات، وبناء خطاب يليق برئيس دولة، لا بخطاب موظف علاقات عامة.
المختار اعبيد المدير الناشر لموقع الخبر اليوم