موريتانيا تتجه لبناء ثلاث مناطق عسكرية حديثة في المدى المنظور
في ظل سباق تسلح وعسكرة بدول الإقليم المحيط بموريتانيا وارتفاع مؤشر الصراع على ثروات المنطقة بعد انحسار الهيمنة الفرنسية ودخول دول عديدة لسوق السلاح بالإقليم مثل تركيا والصين وإيران ؛ وبأجيال جديدة من المسيرات ، وفي ظل المتغيرات في المدراس القتالية العالمية بسبب طوفان الأقصى وارتداداته التكتيكية والاستراتيجية ؛ تجد موريتانيا نفسها في حاجة ماسة لرفع إنفاقه العسكري والأمني ؛ خاصة مع ارتفاع مؤشرات الاستثمار في مخزوناتها البكر من الطاقة والمناجم وتنامي أخطار الهجرة والجريمة المنظمة وتقاطع طرق تهريب دولية للمنوعات على الأراضي الموريتانية.
وقد أعلنت موريتانيا قبل أسابيع عن تدشين منطقة عسكرية حديثة المنطقة العسكرية الثامنة للجيش الوطني الموريتاني في مدينة تجكجه عاصمة ولاية تكانت هذه الولاية الاستراتيجية موقعا وطوبوفرافيا ومخزونات ضخمة من الثروات الخام ؛ والولاية التي تحتضن مصبات سيول كبرى وأودية زراعية وواحات وبحيرات صحراوية جميلة .
وهي في وسط موريتانيا تقريبا ؛ وبها امتداد لحوض تاودني الرسوبي الغني بالبترول ؛ كما تصنف ولاية تكانت ولاية زاخرة بالمعادن النفيسة والمواقع الأثرية والسياحية ؛ كما تعد من الولايات الرعوية وتبلغ مساحة الولاية 90ألف كيلومتر مربع؛ محتلة المركز الرابع في الولايات الموريتانية الأكبر مساحة وهي بالترتيب ولاتيرس زمور ب 253ألف كيلو متر مربع ثم ولاية آدرار ب 235ألف كيلو متر مربع ثم ولاية الحوض الشرقي بمساحة 183ألف كيلومتر ثم ولاية تكانت ب 90 ألف كيلومتر
أي بما مجموعه 760الف كيلو متر مربع ؛ أي أن هذه الولايات الأربع تمثل وحدها أكثر من ثلثي مساحة موريتانيا الإجمالية ؛ وبها أكثر من 60% من ثروات موريتانيا المنجمية الخام ؛ وهي التي تشكل أكبر عبء أمني لأنها تشكل في أغلبها حدودا دولية مع جمهورية مالي والجزائر والصحراء الغربية أو هي خط رديف لها ؛ وتعقد طبيعتها الصحراوية الرملية والجبلية واتساع المساحة عملية الرقابة الأمنية والسيطرة
هذه المنطقة الثامنة تعد نقلة مهمة للجيش الموريتاني وهي إضافة مهمة لخريطة المناطق الغسكرية الموريتانية التي تتوزع كالتالي
المنطقة العسكرية الأولى : بولاية داخلت انواذيبو ( مدينة انواذيبو)
المنطقة العسكرية الثانية بولاية تيرس زمور ( مدينة ازويرات)
المنطقة العسكرية الثالثة بولاية آدرار ( مدينة أطار)
المنطقة العسكرية الرابعة بولاية سيلبابي ( مدينة سيلبابي ) أقصى الجنوب الشرقي الموريتاني
المنطقة العسكرية الخامسة بولاية الحوض الشرقي ( مدينة التعمه)
المنطقة العسكرية السادسة في العاصمة انواكشوط ( تتكون العاصمة من ثلاث ولايات؛ جنوبية وشمالية وغربية)
المنطقة العسكرية السابعة في لاية لبراكته ( مدينة ألاك )
والمنطقة العسكرية الثامنة هي المستحدثة أخيرا بمناسبة الذكرى 64 للاستقلال.
وحسب خبراء فإن موريتانيا تتبنى خطة حديثة لتطوير قدراتها الدفاعية عددا وعدة عبر ثلاث مراحل توصلها لبناء جيث محترف عالي الخبرة والتسليح قادر على التصدي للتحديات الوطنية والإقليمية .
فموريتانيا يبلغ مجموع حدودها الدولية أكثر من 5000كيلومتر ؛ منها أكثر من 2200كيلومتر مع حمهورية مالي وحدها و1565كيلو متر منها مع الصحراء الغربية حيث تدور حرب استنزاف ونزاع طويل الأمد بين المغرب والجمهورية العربية الصحراوية ؛ وحوالي 400كيلومتر مع الجزائر ؛ و730كيلو متر على الأطلسي ومثل ذلك جنوبا مع جمهورية الستغال.
وبتنامي مؤشرات الثروة المنجمية في الشمال والوسط والغرب والجنوب والشرق تبرز أولوية تأمين الحيز السيادي الوطني لضمان أمن الدفق الاستثماري المتجه إلى موريتانيا خاصة في الشمال والشمال الشرقي والشمال الغربي.
وعلى ذلك الأساس يمهد الجيش الموريتاني لبناء مناطق عسكرية جديدة تعزز قبضته على كل المساحات الحيوية في أكبر الولايات الموريتانية وأغناها بالثروات الخام والتي تدخل في مخططات استثمارية طاقوية واستخراجية مهمة.
والمناطاق العسكرية هي مصطلح لتشكيلات عسكرية إقليمية كاملة جاهزة عملياتيا لتنفيذ أوامر القيادة العامة لأركان الجيوش الموريتانية ؛ في السلم والحرب وقادرة على تغطية مجالها العملياتي .
ولأن ولاية تيرس زمور هي أكبر الولايات الموريتانية فهي بحاحه ماسه ل:
* المنطقة العسكرية التاسعة في منتصف ولاية تيرس زمور
* المنطقة العسكرية العاشره وتغطي أجزاء من تيرس ومور وآدارار والحوض الشرقي
وفي أقصى الجنوب الشقري والجنوب ثمة حاجة استراتيجية ل:
* المنطقة العسكرية الحادية عشرة في موقع استراتيجي ترتبط فيه ولاية لبراكنه ولعصابه وكيدي ماغا مع تماس مع لبراكنه
كما يدخل في الأولويات تعزيز القوات البحرية ووجود قاعدة بحرية إضافية جنوب انواكشوط لها قوتها البحرية وطيرانها القادر على تأمين حقول الغاز ومنطقتنا الاقتصادية البحرية الهائلة.
هذا إلى جانب تضمن الخطط إنشاء مناطق عسكرية للتصنيع الدفاعي ( في موقع مناسب محمي بسلاسل جبلية )
وزيادة مراكز التدريب والتكوين العسكري ورفع وتيرة الاكتتاب عبر خطة دقيقة تستوعب معدلا سنويا مناسبا لتحقيق سقف المرحلة الأولى .
ويقدر عدد القوة العاملة في الخدمة في الوقت الراهن ب 40الفا والقوة الاحتياطية ب 70ألفا ؛ لكن موريتانيا بحاجة لوضع 100ألف إلى 150 ألف موريتاني وموريتانية في الخدمة ابعسكرية وإلى احتياطي لايقل عن 200الف .
وتتيح بيانات القوة البشرية الموريتانية ذلك ؛ فالمؤهلون للانخراط في الجيش (سن التجنيد من 18 إلى 40سنة) يمكن تقدير معدلهم السنوي ب 80ألفا .
والجاهزون للخدمة عمليا هم في حدود 400ألف من الجنسين.
لكن لكل خطة ارتقاء بالجيش أولويات ؛ والأولويات في هذا المجال في الوقت الراهن هي تعزيز قوة الرقابة والاستطلاع والقوة اللوجستية للتدخل والانتشار ؛ ويتطلب ذلك توسيع مدى الرصد الراداري والمسح الاستطلاعي وسرعة الاستجابة للطوارئ ؛ خاصة في المساحات الاسترااتيجية الشاسعة التي تتقاطع فيها طرق دولية لتهريب السلاح والمخدرات والمهاجرين ويستغلها المتطرفون أحيانا كممرات بعيدة عن الرقابة .
وتعرض دول عديدة وأحلاف دولية تعاونا عسكريا وأمنيا مع موريتانيا لايكون مقبولا كليا لدى صانع القرار الموريتاني لما قد يخفي من مخاطر كامنة على السيادة الموريتانية والأمن الوطني والإقليمي .
فقد رفضت موريتانيا عروضا فرنسية مغرية لأنها تتضمن تواجدا فرنسيا عسكريا على الأراضي الموريتانية ؛ ورفضت عروضا مغرية من الناتو واكتفت بقسم تدرييي منها ؛ ولم تكن العروض الآمريكية بالخفية فلقد كانت البعثة العسكرية الآمريكية لموريتانيا قبل عام تقريبا هي أكبر بعثة عسكرية إلى دولة من دول المنطقة إذ ضمت أكثر من 30جنرالا وعقيدا ؛ لكن موريتانيا حرصت أن يظل التعاون العسكري مع امريكا غير مؤثر على موقفها الثابت الذي يرفض منح أي قاعدة عسكرية للأجنبي ويرفض أي تنسيق عسكري يستهدف دولة من دول الإقليم أو تحالفا إقليميا مهما كان الوضع.
ولا يستبعد المراقبون أن يكون هناك تعاون عسكري موريتاني جزائري بحكم شراكتهما الجيو سياسية والجيو أمنية في نفس التحديات والاخطار بحدوهما المشتركة بينهما والمشتركة مع بؤر الصراع في الصحراء الفربية ومالي وبقية خط الصراع والقلاقل الممتد إلى ليييا والسودان ونجيريا .
ويبدو ذلك التعاون التجهيزي والتدريبي للجيش الموريتاني من طرف الجزائر معقولا.
ولعل النهضة الموريتانية الطاقوية والمنجمية التي لاحت بشائرها في الأفق كفيلة بتوفير تمويل كاف لرفع كفاءة وجاهزية الجيش الوطني الموريتاني في وقت وجيز بإذن الله العزيز الحكيم .
ولاشك أن التجهبزات الذكية في عصر المسيرات الاستطلاعية والهجومية والأنظمة الراداراية المتطورة وناقلات الجنود والطيران وغير ذلك يحتل حيزا مهما من خطط ترقية جيشنا الوطني دفاعا وردعا وقدرة على حماية المكتسبات وتأمين الاستثمارات وردع كل الأخطار المحدقة ببلدنا.
ولا شك أن تطوير الجيش سيوازيه مباشرة تطوير أسلاكنا الأمنية جميعا من درك وحرس وشرطة وطنية ومؤسسات امنية متخصصة والمؤسسات الهيكلية. للتكوين والتدريب فهذه المؤسسات الأمنية الوطنية تواجه تحديات أمنية كبرى لن تستطيع مواجهتها من دون رفع ميزانيتاتها وعددها وعدتها.
وربما نشهد تأسيس مدارس تكوين للدرك والحرس والشرطة في ولايات عديدة لتتسع آليات الاستيعاب للقوة البشرية التي ستزداد حتما في هذه القطاعات الحيوية والأساسية للأمن الشامل.
وسيظل الجيش الموريتاني دون ريب هو المؤسسة السيادية الأولى التي تحمل أمانة عظمى هي الذود عن سيادة الشعب ومؤسساته الديمقراطية ومكتسباته ؛ فلا سيادة ولا نمو ولاكرامة لشعب لا يستطيع الدفاع عن كرامته في هذا العصر الموغل في الوحشية والطغيان
مركر دعم صناعة القرار الوطني
بقلم الخبير الاستراتيجي عبد الله ولد بونا
21 فبراير 2025