غموض التركيب وتشوّش الدلالة في اسم “المركز الدولي للمؤتمرات المختار ولد داداه”


في لحظات التكريم الرمزية، تكون اللغة بوابة الذاكرة الجماعية، ومِرآة التقدير الذي يُصاغ للأسماء الوطنية الكبرى. غير أن هذه البوابة قد تُغلق على معانٍ غير مقصودة حين يُساء استخدام اللغة أو تُهمّش دقتها. وهذا ما يتبدّى بوضوح في التسمية الأخيرة التي أُطلقت على قصر المؤتمرات القديم: “المركز الدولي للمؤتمرات المختار ولد داداه”.

فمن حيث الظاهر، يبدو الاسم تكريمًا مستحقًا لأول رئيس للجمهورية الموريتانية، غير أن التركيب اللغوي للتسمية يحمل اضطرابًا في البنية وتشوشًا في المعنى لا يليق لا بالشخصية المكرَّمة، ولا بالمكان الذي يحمل الاسم.

المشكلة الأساس تكمن في أن ترتيب الكلمات يوحي بعلاقة نحوية غير مقصودة؛ إذ يبدو أن “المختار ولد داداه” هو صفة لـ”المؤتمرات”، لا اسماً مهدىً إليه. فتداخل هذه الإضافات دون فاصل لغوي يجعل المعنى مضطربًا، وكأننا أمام “مؤتمرات المختار ولد داداه”، لا مركزًا أُطلق اسمه عليه. وهذا الخلط في الإسناد ينسف القيمة الرمزية التي تُفترض في مثل هذا النوع من التسميات.

اللغة العربية، بخلاف بعض اللغات الأخرى، دقيقة في طبقات الإضافة، وتحتاج إلى أدوات للفصل حين تتداخل المعاني. كان الأجدر بالجهات المعنية أن تعمد إلى أحد الأساليب التي تُزيل اللبس، وتُبرز الاسم كعنصر تكريمي مستقل، مثل:
“المركز الدولي للمؤتمرات – المختار ولد داداه”
أو
“المركز الدولي للمؤتمرات باسم المختار ولد داداه”
أو حتى استخدام الفاصلة أو القوسين للدلالة على التخصيص لا التوصيف.

ليست المسألة هنا شكلية أو صرف اهتمام لغويين، بل تتعلّق بروح الخطاب العام واحترام أدوات التعبير. إن تكريم الرموز لا يكتمل إلا حين يُصاغ بلغة تليق بهم، واضحة، متينة، خالية من التعقيد والالتباس. فحين نطلق على مؤسسة وطنية كبرى اسم شخصية مؤسسة، فإن ذلك لا يجب أن يتم بلغة مهتزّة أو تركيبة متسرعة.

إننا لا ننتقد التكريم، بل نقدّر رمزيته، وندعو فقط إلى أن ترتقي اللغة إلى مستوى المُكرَّم، وأن تُراجع مثل هذه التسميات مراجعة لغوية رصينة تحفظ الدلالة، وتُضيء المعنى، وتُجنّب السخرية أو اللبس، لأن الكلمات – في النهاية – هي الذاكرة التي تبقى.

 

المختار اعبيد المدير الناشر لموقع الخبر اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً