الأثر النفسي لفقد الأبوين على الأطفال/ مريم إبراهيم
“عدم وجود أحد الوالدين، لبقية حياتك يعد حدثا مؤثراً للغاية” هكذا يقول الطفل محمد الذي فقد والده بسبب كوفيد 19 “من الصعب التعامل مع الأمر بشكل طبيعي لقد فقدت أبي وحنانه وكل شيء جميل معه” لعدة أسابيع قيل لمحمد إن والده ما زال في المستشفى”
” وبما أني الكبير بين أخواتي كان علي تحمل المسؤولية وبجهود أحد المعارف أصبحت الآن على الحدود وتدخلت إحدى الهيئات الحقوقية لتتكفل بدراسة أخي”
في حي الدار النعيم وفي عريش متهالك تعيش أمنة وأخواتها الست مع مرارة الموت بعد أن فقدو الأم التي كانت المعيل والسند في حين لا تصدق أن أمها ذهب بها الكورونا لكن الأوراق الطبية تثبت ذلك وهي تقلبهم يمينا ويسرا وتقول “هذا ما أراد الله” .
الدكتور محمد ولد إبراهيم اخليل أخصائي في علم النفس العيادي يقول إنه “من المحزن جدا القول بأن هنالك أطفالا واجهوا وفاة والديهم في سياق كوفيد -19”.
ويضيف “في حيزنا يتم الحديث عن الموت بشكل شائع، ويسمع الأطفال في سن مبكرة كلمات البالغين الذين يتناولون هذا الموضوع في ظروف متنوعة مثل المرض أو حوادث المرور أو الكوارث الطبيعية”
ويشير الدكتور إبراهيم اخليل إلى أن “الحداد على الموتى في بلادنا حدث استثنائي يمر به الأطفال دون أن يعوا مصلحتهم في هذا السياق، ولكنه يميزهم من بين العالم الذي يحتشد حول الأسرة لمدة ثلاثة أيام(أيام التعزية)”.
ويضيف “صحيح أن المعايير الاجتماعية والثقافية التي تشير إليها إدارة الفجيعة تشهد اضطرابًا كبيرًا في سياق كوفيد -19 بسبب القيود التي تؤثر على الاتصال والقرب الاجتماعي، بالإضافة إلى ذلك ، لا يتم تقديم الموت المرتبط بـ covid19 في خطاب البالغين بنفس طريقة الموت في ظروف أخرى”.
في مناخ ما أسميه بالخوف المعمم، يصبح هذا الموت من المحرمات ونتجنب الحديث عنه علانية عندما يتعلق الأمر بالأشخاص المقربين. يمكن أن يكون مثل هذا الموقف صعبًا للغاية بالنسبة للأطفال الذين يحتاجون إلى تكوين فكرة واضحة عن أسباب اختفاء أحبائهم”.
ويحذر أستاذ علم النفس من أن “تترك مناطق الظلام في هذا المستوى الطريق مفتوحًا أمام التمثيلات المحملة بالقلق والتي يمكن أن تكون غير قابلة للإدارة بالنسبة للأطفال من حيث يمكن أن تنشأ الاختلالات في واحد أو أكثر من قطاعات حياتهم النفسية، فالطفل الذي فقد أحد أفراد أسرته يكون أكثر توترًا ومعرضًا لخطر المعاوضة في الاضطراب العقلي”.
ويشير الدكتو إلى أنه “يجب التحدث عن هذه الأسباب والظروف بلغة يمكن فهمها وقبل كل شيء في جو آمن وأقل إثارة للقلق، وفي حالة عدم وجود دراسات حول هذه المشكلة على وجه الخصوص ، يمكننا فقط البقاء في مرحلة الملاحظات والفرضيات.
ويؤكد إبراهيم اخليل أنه ” رغم كم الملاحظات والفرضيات التي من شأن الأخصائيين النفسيين طرحها في هذا الصدد، ليست هنالك دراسة موضوعية إلى الآن فيما يتعلق بالآثار النفسية لكوفيد19 خاصة على الأطفال الذين فقدو أحد أبويهم بفعل كورونا كوفيد19″.
ويحذر من أن “الوضع مقلق فعلا فيما يخص تأثيرات الموت والفقد على هؤلاء، إنه لمن المحزن فعلا ترك طفل في مقتبل العمر يواجه صدمة الموت دون أن يجد الاحتواء والرعاية النفسية اللازمة ليتجاوز هذه الحالة”.
رئيس هيئة الساحل للدفاع عن حقوق الانسان و دعم التعليم إبراهيم ولد بلال يقول “إن هنالك أطفالا فقدوا أحد الوالدين خلال هذه الجائحة و هذا يزيد تعقيد الحياة بالنسبة لهم حيث بعضهم بقى بدون معيل مما سوف يكون له انعكاس على حياتهم عموما و على دراستهم خصوصا”.
ويضيف ولد بلال إن جهات منظمية وأهلية كانت حاضرة و لعبت أدوارها الطبيعية من خلال المؤازرة و الدعم المعنوي و نحن على مستوى هيئة الساحل أعطينا فرصة للتعليم عن بُعد و زرنا الضحايا كما استفاد بعض الاطفال من الرعاية في المدارس الحرة بتدخل منا”
ويؤكد ولد بلال أن تاثير الجائحة على الأطفال يمكن أن ينظر إليه من ثلاث زوايا
أولا : تأثيرات عامة مرتبطة بتعطل بعض الأسر عن العمل مما ادى الى نقص الدخل و ضعف المعيشة و هذا تسبب في أمراض نقص التغذية عند بعض الأطفال .
لان بعض الاسر الفقيرة ممن تعيلهم نساء يعملن في بيع كسكس او العيش او الخضروات كان لابد لهم من التوقف عن العمل فترة الحجر الصحي و حظر التجوال
ثانيا : انقطاع الدراسة لفترات متعددة فاقم ضعف مستويات التلاميذ و نقصت أوقات التعليم و لذلك نقص العطاء المعرفي و ذلك أثر على الاطفال و أحدى إلى عدم نجاح الكثير منهم أو تسربهم لأنهم لم يجدو معيل ليستكملوا دراستهم.
ثالثا : وجود الأطفال في البيوت دون أي عمل أو دراسة له أضرار نفسية كبيرة تتمثل أساسا في شغل وقتهم في أمور انحرافية من حيث كثرة الحوادث المتعلقة بالأطفال سرقات و شجار و غير ذلك الى جانب ادمانهم على التلفزيون و على التطبيقات الضارة”.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHD\JHR- صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.