ماذا خلف الأزمة التجارية بين مصر والمغرب

الشروق المصرية نشرت خبرا عن تعليق المغرب للواردات المصرية إلى أسواقه ؛ وتعد اتفاقية أكادير عام 2004 هي المرجع لهذا التبادل التجاري بين دول عربية متوسطية هي الأردن وتونس ومصر والمغرب.
ويقدر التبادل التجاري بين مصر والمغرب ب 900مليون دولار
فما أسباب التعليق المغربي لدوخول المنتجات المصرية لسوقه؟
مصدر مصري ذكر أن المغرب قام بذلك ردا على منع السيارات المصنعة في المغرب من دخول السوق المصري ؛ لأن مصر لديها سياسة أولويات للعملة الصعبة ؛ لاتسمح بتخصيص حصة منها لاستيراد السيارات المصنعة في المغرب.

لكن مراقبين دوليين يرون أن الوضع التجاري القائم هو مؤشر لأزمة سياسية ودبلوماسية متنامية بين الرباط والقاهرة لها جذور .

فهناك حديث في الإعلام المصري عن فضيحة تجسس مغربي مصدرها البعثة المغربية الدبلوماسية في مصر ؛ وهناك المعركة السياسية الأخيرة في الاتحاد الإفريقي التي أسفرت عن فوز الجزائر وهزيمة المغرب قاريا ؛ وكانت مصر طرفا فيها ولم تدعم الرباط.

وجاءت الإدانة الإفريقية “لاسرائيل” وإبادتها للفلسطينيين لتعمق من عزلة الرباط إفريقيا في وقت تستعيد مصر فيه قدرا التوازن والانحياز للمشروع الفلسطيني العربي ؛ بينما تركض الرباط مسرعة في الاتجاه الصهيوني المتطرف.

ولم تعد اتفاقية أكادير 2004 حيه أصلا ؛ فتونس ابتعدت عن خط الرباط ؛ وليس للأردن سوق مغرية للصادرات المغربية؛ وتهيمن مصر على سوق ليبيا الشرقي هيمنة كاملة ؛ وللجزائر حضور تجاري يتعزز أكثر في تونس وليبيا وموريتانيا والنيجر ومالي ؛ وهو في تمدد إلى العمق الإفريقي والعالم؛ بعد إطلاق استراتيجية تطوير وتفعيل خطوط النقل البحري والجوي والبري مع العالم ؛ فهناك خطوط بحرية تم تشغيلها بين الجزائر وإفريقيا وبين الجزائر ومنطقة الخليج.
وقد خضع الاتحاد الأوروبي للجزائر بقبوله مراجعة الاتفاقيات التجارية معها والتي كانت مجحفة في حق الجزائر .

وتعاني الصناعات المغربية والتجارة انكماشا متسارعا بسسب العجز الطاقوي وارتفاع سعر الطاقة كما ورد ذلك على لسان وزيرة الطاقة المغربية ؛ وهناك أسباب جيو سياسية يفقد فيها المغرب الثقة افريقيا وأروبيا وعالميا.

ويأتي تلاشي الهيمنة الفرنسية في غرب ووسط افريقيا ليعمق أزمة المغرب الاقتصادية؛ فالتجارة المغربية الخارجية في إفريقيا لا تنمو إلا تحت المظلة الفرنسية وهي مظلة تمزقت في دول جنوب الصحراء وبدأت تنهار في دول غرب إفريقيا الأهم السنغال وساحل العاج .
ولقد أصبحت السياسة الاقتصادية المغربية اتجاه افريقيا مكشوفة كسياسة استحواذ على العملة الصعبة من دول هي في أمس الحاجة لها ؛ عبر مايسميه المغرب استثمارا في الخدمات وإغراقا للأسواق بمنتجات مغربية تفتقد الجوده والتنافسية.

ويرى المراقبون أن الأزمة التجارية بين مصر والمغرب ستكون مزمنة فلا مستقبل لصناعة السيارات المغربية في أكبر سوق إفريقي وعربي مصر لأسباب تتجاوز حاجة مصر لعملتها الصعبة.
وقد تخطو دول أخرى على إثر مصر في تقييد عملتها الصعبة من التسرب إلى المغرب في مشتريات ثانوية لاقيمة لها.
ونحتاج في موريتانيا سياسة مماثلة تحد من تدفق العملة الصعبة من سوقنا إلى السوق المغربي ؛ فالعجز في الميزان التجاري بيننا هائل
فإذا كان حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب 900مليون دولار ؛ فإن موريتانيا مع الفارق عن مصر _ بلغ حجم التبادل التجاري بينها والرباط 300مليون أورو ؛ 90%منها لصالح المغرب.
فمتى نوقف هذا الخلل في تبادلنا التجاري مع المغرب ؟

الكاتب والخبير الاستراتيجي الموريتاني عبد الله ولدبونا
22/فبراير 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً