موجات الحر في فرنسا يبّست المراعي وقلّلت الحليب والأجبان
أثّرت موجة الحرّ التي ضربت فرنسا في الآونة الأخيرة، سلبًا في قطعان الأبقار بجبال الألب وانعكس ذلك على صناعة الأجبان التقليدية الشهيرة، إذ أدى الجفاف إلى شحّ في الأعشاب وأصبح “كل شيء أصفر”.
ودفع هذا الوضع، أصحاب المواشي إلى النزول من المراعي الجبلية قبل شهر من الموعد المألوف، وقال أحدهم “نخسر يوميًّا من إنتاج كل بقرة ما يوازي قالبًا” أي نحو 5% من الإنتاج.
وتجاوزت الحرارة هذا الصيف 30 درجة في نقاط تعلو 1600 متر عن سطح البحر، مما أدى إلى ذوبان حقول الثلج في سلسلة أرافيس، فبدت الصخور خالية من معطفها الأبيض المألوف، واجتاح اليبس المروج وأصبحت الأبقار تدرّ من الحليب كميات أقلّ قدرًا ونوعية أقلّ دسمًا.
وفي الوديان عانت المزارع أيضا آثار موجة حرّ تاريخية، تخللتها في منتصف أغسطس/ آب نوبة قصيرة من الأمطار، لا تكاد تكفي لتخضير المروج.
انخفاض إنتاج الحليب
وانخفض إنتاج الحليب عمومًا بنسبة 15%عما كان عليه العام الماضي بحسب الإحصاءات الأسبوعية، وفق ما ذكرته جمعية الأجبان التقليدية في جبال الألب.
وبدأ عشرات المربين يخزّنون أعلافًا لفصل الشتاء، بما يتيح لهم مواصلة إنتاج أجبان الحليب الخام. وقال رئيس مجموعة زراعية “لقد سبق أن عانينا ظواهر جفاف، لكنّه الآن ينتشر في كل مكان في فرنسا وإيطاليا وأماكن أخرى في أوربا”.
وأكد أن الكثير من مربّي الماشية -المتأثرين أصلًا بالارتفاع الكبير في رسوم الغاز والكهرباء بسبب الأزمة في أوكرانيا- يخشون نقصًا في التبن وتأثير المضاربة.
وقال مدير لتعاونية مزارع في بلدة فرنسية “في الماضي كانت تربية الماشية تُصنف ضمت اقتصاد الاكتفاء الذاتي لكنها أصبحت أكثر احترافًا وبدأ عدد المزارع الصغيرة يتناقص
وتتمثل وظيفة الرجل في مراقبة ظروف إنتاج الأجبان التقليدية في مختلف مراحله من الحظيرة إلى المخزن، وتعتبر بعض البلدان هذه المنتجات “خطرة” بسبب ما تنطوي عليه من مخاطر بكتريولوجية مرتبطة بالحليب الخام.
وفي بلدة (تون) وهي بلدة يبلغ عدد سكانها 7 آلاف نسمة وتعتبر نفسها عاصمة لإنتاج الجبنة التقليدية، لا يكاد متجر التعاونية يمتلئ باستمرار.
وفي بعض الأيام يغادر السياح الذين يذهبون إلى مزرعة الرعي الجبلية فارغي الأيدي لأن الإنتاج لا يكفي لتلبية الطلب، وخصوصًا في سنة الجفاف هذه.
تصنيع الجبنة الفرنسية التقليدية
بعد الحلب يُخثر الحليب وهو ساخن بمخثر من معدة العجول ثم يوزع في قوالب مبطنة بالقماش ثم يُضغط عليها باليد، وتجفف قوالب جبنة “ريبلوشون” في القبو على ألواح خشبية حتى تتشكل قشرة برتقالية صفراء.
وتستلزم كل قطعة ما لا يقل عن 4 لترات من الحليب، ويبيع المزارع قالب ريبلوشون الذي يزن 450 غرامًا بـ8 يوروهات في المزرعة.
وسعيًّا للحدّ من وقع الزيادة في التكاليف، رفع المنتجون أسعار أجبانهم بنسبة 5 إلى 10% منذ بداية العام، ورأى بعضهم أن هذا غير كافٍ.
وتضم منطقة “سافوا وأوت سافوا” الجبلية في فرنسا، 220 ألف هكتار من مراعي الألب يمثل إنتاجها من الألبان نحو 1.5% من الإنتاج الوطني.