هُنا اركيز.. وهذه حروف في غاية المحليّة/ الصحفي الشيخ محمد حرمه
هذه المرة لن أكتب عن بؤس مدينة اركيز، ولا عن الظلم الذي يتعرض له السواد الأعظم من سُكانها.
لن أكتب عن سياسييها الفاشلين في كل شيء، ولا عن مسؤوليها التائهين في دروب الفساد، ولا إدارييها العاجزين عن الاقتراب من الإنسان.
لن أكتبَ عن منتخبين مردوا على التزوير والتلفيق والنفاق، مطيتهم في كل ذلك قبائل على شكل حظائر كبيرة.
كما لن أكتبَ عن مواسم الهجرة نحو المدينة المغبرة، وكيف تُساق قُطعان البشر، وتُهان كرامتها، وتدوسها أرجلُ هواة السياسة، ومحترفي التلوّن والطيران من سربٍ إلى سرب.
إنَّها “طيور اركيز المهاجرة”، فما بقي نجع سياسي إلا شربت منه.
والآن.. حان وقتُ قص الأجنحة.
…
لمدينة اركيز وجهٌ آخر.. “كامنٌ متلثم.. يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ”.
وجه ينمو تحت الرماد، ترى انعكاسه في عيني امرأة كادحة، تبيعُ الخضار تحت الشمس.
وقد تجده في تشققات أيدي عاملٍ احدودبَ ظهره، بعد عقود من بناء مدينة تطحنه.
وربما تلمحهُ في انكسار نظرات شابٍ كان يحلمْ.. ثم توقفْ.
والأكيد أن هذا الوجه يكمنُ في سواعد مزارعٍ أنهكه انتظار وعود لا تتحقق.
إنه وجه يخشاه المنافقون، ويرسمُه أبناء الأرض حينَ يثورون على الوافدين، وحينَ يصرخون في وجه الغُزاة، ويُسْمعون أصواتَهم بعد عمرٍ من الصمت.
…
كل هذه الأحرف تداعت إلى مخيلتي، حين قرأتُ بيانًا كتبه مهندس محترم من أبناء الأرض يدعى اميه أحمد جوجه، أعلن فيه الترشح لمنصب عمدة اركيز.
اميه حاصل على شهادة الهندسة في الاقتصاد والتسيير الزراعي من تونس، والخبير في مقاربات التنمية الجماعية والشعب الزراعية.
وأكثر من ذلك.. نجدُ في ملامح المهندس اميه الكثيرَ من ذلك “الوجه الكامن”، فقد عاش طفولته ومراهقته ورجولته في سهل اركيز، وتربطه صلة مباشرة بالإنسان.
أتمنى له التوفيق.. وسنكونُ محظوظين به.