الزواج المبكر في موريتانيا أرقام مخيفة وآثار خطيرة
تنتشر ظاهرة الزواج المبكر في القاعدة العريضة من المجتمع الموريتاني، وللظاهرة جذور عميقة في الثقافة الشعبية التي تعتبر زواج الفتاة في سن مبكرة مدعاة للفخر لدى الفتاة وأهلها ،ومع تغير الظروف الزمنية وظهور سلبيات عديدة لزواج القاصرات بدأت الدولة تسن القوانين للحد من الظاهرة كانت أولها في العام 2002 ضمن مواد مدونة الأحوال الشخصية، حيث تم تحريم زواج الفتيات تحت سن 18 إلا في حالات قليلة ترك القانون فيها ثغرة سهلة الولوج من طرف الأسر، حيث استثنت من القاعدة الفتاة التي تظهر رغبتها في الزواج تحت تلك السن وترك فيها التقييم للقضاء، كما أن المادة القانونية لم تفعل، ولم تصحب برقابة حقيقية ولامتابعة من طرف السلطات، ولذا لم تضع حدا للظاهرة في الوقت الذي كشفت فيه منظمات المجتمع المدني عن تصاعد حالات الزواج المبكر محذرة من مخاطره الجمة .
“لم يخطر على بالي أن ذلك اليوم كان يوم زواجي هكذا تفتح رقية ذات ال14 ربيعا حديثها حيث كنت مفعمة بالحيوية والضحكات، مع صديقاتي حين تدخلت والدتي التي قطعت فيه ألعابي وهي تناديني بكل الصارمة للدخول الى المنزل (الخيمة) ذلك اليوم كان يوم غياب طفولتي ودخولي إلى عالم لم يكن لي فيه خيار بل دخلت مرغمة ورأيت أمي مرتبكة ليس كعادتها منذ وعيت على الدنيا، ورأيت وجهها بعدها سمعت “الحناية” المنهمكة في تحضير الحناء، تقول لي :هذا لك تعالي لأضع لك الحناء يا عروس. لم أفهم شيئا مما قالته لكن انا بطبعي أحب الحناء وظننت ان تجهزني للعيد لكن تبادر لذهني ان أمي قالت أن أوضاعنا المادية لا تسمح بذلك لكن فغلبت فرحتي دهشتا وأستجبت لطلب المرأة،خاصة مع صمت أمي وانشغالها بتدبير أموري أخوتي عند الصباح أيقظتنيي أمي فرددت بنوع من الكسل ظناً مني أنها ستطلب مني القيام بأحد الأعمال المعتادة لكن الأمر كان مختلفا لأن كانت هناك امرأة تقترب مني لظفر شعري ، وثيابا جديدة كانت بانتظاري وجلبة نساء يتوافدن الى خيمتهن، بدأن بتحضير طعام لم أعتد على وجوده بهذه الكمية والنوعية في بيئتي الفقيرة، إلا في مناسبات كبرى كحفلات الزواج.
إحدى قريباتي كلفت بإبلاغي بأني سأزف اليوم الى رجل ميسور.
رجل اعتدت تردده الى مجالس والدها، فهو قريب له في العمر والنسب قمت بالصراخ و رفضت وقبل أن أستوعب ما سمعته، أضافت المرأة بأن علي أن أتصرف من الآن وصاعدا كالنساء وقالت :أنت لم تعودي طفلة أنت سيدة الدار”
فاطمة ابنة 17 ربيعا مطلقة وأم لطفلة تقول فاطمة إن عمتها هي من زوجتها لشقيق زوجها وهي في 14 من عمرها، أنجبت له طفلة بعد سنة من الزواج ثم طلقها ،وكلما طالبته بنفقة طفلتها نكر نسبة الفتاة إليه، لا تستطيع فاطمة المطالبة بحق ابنتها قضائيا حرصا على سمعة أسرتها فيما تفتقر ابنتها لأقل حقوق البشر، أوراقا مدنية وأسم أب كلما نسبت إليه أنكرها .
منظمات مدنية عديدة حذرت من خطر ارتفاع نسبة زواج القاصرات، مطالبة الدولة بأخذ مسؤولياتها في التصدي لهذه الظاهرة الصعبة المتشعبة.
آمنة المختار رئيسة النساء معيلات الأسر قالت إن الوضع في الريف كارثيا حيث يشهد إنتشارا واسعا فهو المنطقة التي تتنمى فيها ظاهرة بعيدا عن العيون
وحسب آخر إحصائيات لهذه الجمعية بلغ عدد الزواج المبكر في السنتين 2020-2021 حوالي :
“-2020-إحصائيات زواج الأطفال 385 حالة أعمارهم ما بين 8 إلي 14 سنة
-2021 -إحصائيات زوج الأطفال 150 من الفئة العمرية من 7 إلي 10 سنوات و 250 حالة ما بين 10 إلي 14 سنة”
ناشط بهيئة الساحل حمزة جعفر يدعم هذا الكلام حيث يقول انه من خلال متابعته للتمدرس في قريته يلاحظ أن البنات دائما يتزوجن في اليوم المفروض أن يحضرن للمسابقة وبالنسبة له يعتبر هذا الزواج ليس سوى نوعا من عمالة الأطفال لأن هذه طفلة ولا تعرف بعد هذه المسؤوليات التي تبعدها عن مكانها في مقاعد الدرس
فيما تذهب سهام حمادي ناشطة في جمعية الأم والطفل الى لفت الانتباه الى المخاطر الصحية التي تتعرض لها الفتاة التي تتزوج في وقت مبكر، مؤكدة على ضرورة إيجاد قانون رادع ومجرم لهذا الزواج باعتباره جناية على الضحية ووجود ثغرة في القانون تعد عائقا لهم ومع ذلك يعملون في هذه الأوساط من أجل النشر الوعي وتوعية بأهمية مراعاة السن الزواج و أن المسؤولية تقع على الجميع من علماء و الأئمة نحو حماية القاصرات من الزواج المبكر وما ينتج عنه من أضرار على أكثر من صعيد.
مريم إبراهيم
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.