كوندفدرالية من سراب
ثلاث دول تصنف ضمن الدول الأفقر بالعالم ؛ دول حبيسة لا إطلالة لها على البحار
تهيمن العصابات المسلحة على أكثر من ثلث أراضيها مجتمعة ؛ وتشهد في داخلها صراعات سياسية وعرقية أفقية وعمودية كما تشهد حروبا دينية وأهلية وتحررية ؛ وبها أكبر نسبة أمية وبطاله ولا تسيطر حكوماتها المركزية على الأمن في عواصمها ؛ وداخل مؤسساتها العسكرية والأمنية صراعات وثارات عميقة .
حوالي 65مليون هو عدد مواطني هذه الكونفدرالية
بمساحة إجمالية تبلغ 2مليون و750ألف كيلو متر مربع ؛ أغلبها صحاري قاحلة .
بمديونية خارجية تتجاوز مجتمعة حاجز ال 20مليار دولار.
ونسبة تضخم عالية
وانخفاض كل مؤشرات التنمية .
وأغلبية سكان تقيم في الأرياف بلاخدمات
ونسبة فقر تتجاوز 70%
وتنوع عرقي وثقافي تحكمه الكراهية العرقية
(حوالي 25عرقية )
ونسبة أمية تتجاوز 71%
وتذيل دول العالم في التعليم والتكوين والتنمية والخدمات الصحية والبنية التحتية.
ووجود نزاعات حدودية بين دول الكونفدرالية لم تحل بعد وثارات اجتماعية تاريخية .
ورغم وفرة المعادن النفيسة ومصادر الطاقة في هذه الدول إلا أن جاذبيتها الاستثمارية صفر ؛ فهي تصنف دولا غير مستقرة وغير آمنة ولا تستثمر فيها إلا شركات انتهازية عالمية بشروط مجحفة من خلفها دول تلعب لعبة الصراع القذر والجشع
تهمين شركات دولية متنوعة على ثرواتها الاستراتيجية وتتنافس دول كثيرة على سوق المعادن والطاقة والمعادن النفيسة فيها بعقلية انتهازية جشعة تستغل سذاجة الانقلابيين فيها وسطحيتهم ورغبتهم في تثبيت حكمهم بأي ثمن.
أنظمة انقلابية ضحلة التجربة والرؤية تتخذ من الشعارات القومية الإفريقية جوهر خطابها العاطفي
ليست داعش والقاعدة إلا عناوين قليلة من عناوين الحرب فيها.
يقودها انقلابيون لاخبرة لديهم ؛ والحياة السياسية معطلة في هذه الثالوث الهش الذي أعلن عن كونفدرالية جامعة لم تمر على برلمان ولا معايير مشتركة لها إلا أن البلدان الثلاثة شهدت انقلابات متقاربة زمنيا.
مالي وبوركينافاسو والنيجر
فأي خبير سياسي يستطيع أن يتوقع قابلية هذه الكونفدرالية للاستمرار؟
المؤشر الوحيد الذي ارتفع في هذه الدول هو العسكرة ومزيد من التسلح ورفع عدد الجيوش التي يستمر إلى اليوم تتساقطها كالذباب أمام هجمات الجماعات المسلحة .
ومن سذاجة حكام هذه البلدان ذلك التطاول على كل الجيران وهم في أمس الحاجة لهم؛ فمن دون دول اتحاد غرب افريقيا حولهم لا ممر إلى الاطلسي لصادرات ولا واردات هذه الكونفدرالية المسكينة ومن دون موريتانيا كذلك ؛ ولا منفذ إلى الأبيض المتوسط دون الجزائر ولا أمن استراتيجي ؛ وتلك الدول تقع ضحية للنصب السياسي المغربي حين صدقت أن المغرب الذي لاحدود له مع تلك الدول يصلح منفذا إلى الأطلسي!
وتتلقى موريتانيا الحصة الأكبر من نتائج الخلل الأمني والاقتصادي والسياسي في دول الكونفدرالية المزعومة تلك ؛ فالهجرة من تلك الدول هي الأكبر والأخطر ؛ واللاجئون الماليون يتدفقون إلى موريتانيا ؛ ومئات آلاف المهاجرين من تلك الدول ؛ ثم يجد قائد انقلاب مالي وقتا لنفخ أوداجه في وجه موريتانيا والجزائر .
ولولا الموقف الموريتاني الجزائري الثابت من وحدة الأراضي المالية وأهمية السلام داخل مالي لكانت مالي قسمت ولكانت النيجر قسمت ولقسمت بوركينافاسو.
الأكيد أن كونفدرالية دول جنوب الصحراء هي مجرد فقاعة ستتفكك أي لحظة ؛ فلا معيار موضوعي واحد يجمع تلك الدول إلا الوهن والهشاشة الأمنية والاقتصادية والغباء الاستراتيجي
مركز دعم صناعة القرار الوطني
بقلم الخبير الاستراتيجي عبد الله ولد بونا
7فبراير 2025